شركات فرنسا تخفض ساعات العمل بسبب موجة الحر

شركات فرنسا تخفض ساعات العمل بسبب موجة الحر

 

أجبرت موجات الحر الشركات في فرنسا على اتخاذ تدابير لحماية صحة وسلامة موظفيها خاصة العاملين في الميدان، حيث تم مؤخرا إعلان خفض ساعات العمل لمنع الإصابة بضربات الشمس والإجهاد الحراري.

ففي تولوز بفرنسا، وصلت درجات الحرارة إلى 30 درجة مئوية في الظل، واضطر عمال البناء إلى العمل تحت أشعة الشمس الحارقة، وقال مشرف البناء في شركة "توماس ودانيزان" هوجو باستوريلو: "إنها مشكلة حقيقية لأن الحوادث قد وقعت بالفعل بسبب ارتفاع درجات الحرارة".

  وأوضح أن الشركة انضمت للعديد من الشركات الفرنسية الآخرى فى قرار تنفيذ سياسة مفادها أنه بمجرد تحديد أن الجو حار جدًا في موقع البناء، سيتم إنهاء يوم العمل على الفور وإرسال العمال إلى منازلهم وسيستمرون في تلقي أجورهم كما لو كانوا قد عملوا.

ولا يحمي هذا الإجراء صحة العمال فحسب، بل إنه منطقي أيضًا من وجهة نظر الاقتصادية أيضا، حيث أظهرت العديد من الدراسات أنه عندما تتجاوز درجة الحرارة 32 درجة مئوية، تنخفض إنتاجية العمل بنسبة 40%.

وسلط  ديوجو بيرناردو، أحد العاملين في شركة "Thomas et Danizan"، الضوء على أهمية هذه التدابير: "من المهم المساهمة في صحة العامل، وصحة الجميع، أنا شاب، ولكن ربما يكون هناك أشخاص أكبر سنًا مني، وبالنسبة لهم الأمر أكثر تعقيدا".

وتعزى الزيادة في تواتر موجات الحر إلى ظاهرة الاحتباس الحراري، ما يشير إلى أن هذه القضية سوف تستمر في تحدي صناعة البناء والتشييد لسنوات قادمة.

وشركات البناء ليست الوحيدة التي يجب أن تتكيف، حيث يرى العديد أنه يتعين على أصحاب العمل، في جميع الصناعات، الالتزام بقواعد معينة لحماية عمالهم أثناء فترات الحرارة الشديدة.

تطور موجات الحر في أوروبا

شهدت أوروبا زيادة كبيرة في تواتر موجات الحر وشدتها ومدتها في العقود الأخيرة، وهو اتجاه يعزوه العلماء بشكل مباشر إلى تغير المناخ، ووفقًا لبيانات وكالة البيئة الأوروبية، تضاعف تواتر موجات الحر في أوروبا ثلاث مرات منذ ستينيات القرن الماضي.

ولا تؤثر هذه الزيادة في موجات الحر على صحة الإنسان وإنتاجية العمل فحسب، بل لها أيضًا آثار كبيرة على الزراعة والنظم البيئية والبنية التحتية. ونتيجة لذلك، بدأت الحكومات والشركات في جميع أنحاء أوروبا في تنفيذ استراتيجيات التكيف، بدءاً من تحسين أنظمة الإنذار المبكر إلى تغيير ممارسات العمل والتخطيط الحضري.

ويؤكد تطور موجات الحر في أوروبا على الحاجة الملحة لمعالجة تغير المناخ وحاجة جميع قطاعات المجتمع، بما في ذلك قطاع البناء، إلى التكيف مع هذا الواقع المناخي الجديد.

التغيرات المناخية

شهدت الأرض مؤخرا مجموعة من الظواهر المناخية الشديدة التطرف، مثل الطقس القارس والفيضانات وموجات الحر والجفاف الشديد وارتفاع نسبة التصحر، والأعاصير، وحرائق الغابات، كل هذا بسبب ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية بنحو 1.1 درجة مئوية منذ بداية عصر الصناعة، ويتوقع أن تستمر درجات الحرارة في الارتفاع ما لم تعمل الحكومات على مستوى العالم من أجل خفض شديد للانبعاثات.

وتحذر الدراسات العالمية من ظاهرة التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الكوكب، لما لها من تأثير مباشر على هطول الأمطار الغزيرة والسيول والفيضانات والجفاف والأعاصير والتصحر وانتشار الأوبئة والأمراض وكذلك على الحياة البرية  وحركة الهجرة والأنشطة البشرية.

وأكد خبراء في مجال البيئة خطورة حرائق الغابات والتي يترتب عليها فقدان أكبر مصنع لإنتاج الأكسجين بالعالم مقابل ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون، ما ينذر بتصاعد ظاهرة الاحتباس الحراري.

تحذير أممي

وفي السياق، حذَّر الأمين العام للأمم المتحدة، ​أنطونيو غوتيريش​، من أن "نصف البشرية يقع في منطقة الخطر، من جراء ​الفيضانات​ والجفاف الشديد والعواصف وحرائق الغابات​"، مؤكداً أنه "لا يوجد بلد محصن".

ويؤكد التقرير الأخير الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ الضرورة الملحة لمعالجة الآثار المكثفة لتغير المناخ وضمان التكيف والمرونة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

ووفقا لبيانات مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث، فإن عدد الكوارث قد تضاعف تقريبًا منذ عام 2000، بينما تضاعفت الخسائر الاقتصادية الناتجة بمعدل ثلاثة أضعاف، ويرجع ذلك أساسًا إلى تغير المناخ، وإذا لم يتم اتخاذ أي إجراء لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والملوثات الصناعية، فقد تكون هناك زيادة بنسبة 40% في عدد الكوارث بحلول عام 2030.

في نهاية يوليو الماضي، حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من الوضع الذي يمر به كوكب الأرض، قائلا: "تغير المناخ هنا مرعب، وهذه فقط البداية.. لقد انتهى عصر الاحتباس الحراري لقد حان عصر (الغليان العالمي)".

 

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية